روائع مختارة | قطوف إيمانية | عقائد وأفكار | الوعي الإجتماعي...الي أين؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > عقائد وأفكار > الوعي الإجتماعي...الي أين؟


  الوعي الإجتماعي...الي أين؟
     عدد مرات المشاهدة: 2786        عدد مرات الإرسال: 0

تختلف المجتمعات في تكونها، وفي تكومها أيضاً، هذا الإختلاف مؤثر في قراءة الوعي، ودراسة أساليبه ووسائطه.

يهدف العلم والثقافة والإعلام إلى رفع مستوى الوعي الإجتماعي، هذا الوعي الذي يجب أن يتشكل بطريقة صحيحة، لئلا يصبح شعاراً يضاف إلى سلسلة الشعارات الزائفة، والوعي الواعي له أسسه التي يتشكل وينطلق منها، ومن أهمها:

ـ مجموع المفاهيم والقيم المتداولة في حياة الناس، وكيف هي حركتها وتداولها وتطوراتها وإرتباطاتها وتشكلاتها مع غيرها.

ـ نظرة الناس إلى هذه المفاهيم وتفسيرهم لها، إذ لا يجوز أن تكون هذه المفاهيم إغلاقاً وإقفالاً يحملها الناس.

ـ تجربة الناس الحياتية لهذه المفاهيم وتشكيل علاقاتهم وفق فهمهم لها.

وهذا يجعلنا أمام مسؤولية مفاهيمية، فإشكالية كل شيء في مفهومه، أي أن دور المفكرين والمثقفين والمعلمين والإعلاميين يجب أن يتركز على زرع المفاهيم الصحيحة، وملاحقة هذه المفاهيم بالتطوير والتوسيع، لأجل أن تتناول مصالح الناس المتعددة والمتنوعة مع تغير الأحول وظروفها.

إن الدور -لمن يقوم بعملية الوعي- لا يتوقف على مجرد الإلقاء والتأليف، بل يجب قياس الصدى لهذه المفاهيم، وكيف ينظر إليها الناس ويتعاملون معها، وما تقويم تجربتهم لها؟

إن قدرة المثقف على خلق الوعي الاجتماعي مرهون بقدر ما لديه من:

= الشخصية المتوازنة والمنسجمة مع الطبيعة البشرية والطبيعة الحياتية.

= المنطلقات الثقافية غير المؤدلجة، أي المنطلقات الإنسانية التي تتعدد وتتنوع في مصادرها، كما تدرك تعددية الفهم والسلوك، وتدرك طبائع المراحل وتحولات الظروف.

لا يصح أن يتشكل الوعي الإجتماعي من خطاب أحادي -دينياً أو اجتماعياً أو سياسياً-ليتضخم جانب من وعيه على جوانب الوعي الأخرى، فماذا يعني أن يتشكل المجتمع على ثقافة إقتصادية مادية بحتة إلى درجة يرتبط فيها التخطيط بالإقتصاد في إغفال للتخطيط الاجتماعي والإنساني والعلمي! إن إنساناً سينتج من هذا الغلط لا يعرف إلا الانفصال الإجتماعي والإنسداد الثقافي، ناهيك عن أزماته النفسية، وفراغاته الروحية.

لابد أن ترتفع الروابط الإجتماعية إلى قيم ملزمة حتى نتفادى فوضى الادعاءات القيمية، وإن القيم الملزمة لا تكون إلا إنسانية المستوى، إذ يجد الناس فيها قواسمهم المشتركة من الأمن والحرية والعدالة، هذه القيم التي تمثل نقطة الالتقاء في رسالات الأنبياء {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} [الشوري:13].

ومن هنا فأهم الحاجات، بل أكدت الضرورات أن يكون الوعي الإجتماعي هاجس كل أحد، سيّما الحكومات والعلماء والحكماء، الأمر الذي يدعوني لاقتراح إنشاء هيئة أهلية للوعي الإجتماعي، تمثل وحدة قياس لمراحل الوعي الإجتماعي، كما تكون مركز إنسجام وتنسيق للمخرجات الإجتماعية في كل المؤسسات العامة والخاصة، لتجمع المتوزع، وتقوي الضعيف، ويكون لها الدور الفاعل في مشاركة التخطيط العام وخلق التصورات المستقبلية وفقاً للمعطيات والتحولات، إنها صدى الصوت لمجتمع التكافل والسلام والمحبة والوئام.

إن الوعي الاجتماعي لا يهدد السياسات الواضحة، والتعدديات الناضجة، والثقافات المتنوعة، بل يدعم مسارها الصحيح، ويحمي حماها من الطائفيات المدمرة، والخلافات الخانقة، والتوجهات المنحرفة.

لدينا الكثير من مؤسسات التنشئة، ومؤسسات التنمية الإجتماعية تحتاج إلى خلق روح من التعاون لمشروع وطني كبير، لا يمكن إختزاله برؤية جهة من دون أخرى.

إن ما يهدر طاقة العمل الإجتماعي هو ضعف الإهتمام بدراساته، وضعف الأداء في تطبيقاته، ونحن نأمل بما لدينا من الإمكانات أن يكون لدينا شكل مختلف من القدرات، فمجتمعنا له من الأبعاد ما يؤهله لقوة فاعلة على مستويات محلية وعالمية.

الوعي الإجتماعي إلى أين؟ ليس سؤالاً ضعيفاً أو سلبياً، وليس سؤالاً موسمياً، بل هو سؤال القوة المفتاحية الذي يجب أن نكرره كلما أردنا قياس الوعي ومعرفة مراحلة، وكلما أردنا طرح منهج إصلاحي، ذلك أن الأسئلة المفتاحية هي بداية الأجوبة الصائبة، علينا أن نتأكد أن شيئاً جميلاً ينتظرنا في حال وعينا الإجتماعي بشكل إستباقي، أرجو ألا نفقد ذلك الموعود الجميل بأسباب نصنعها ونحن ندري أو لا ندري.

بقلم: محمد الدحيم.

المصدر: مركز واعي للإستشارات الإجتماعية.